كاتب من بلادى

راشد يسلم


هُنّا حيثُ كُلّ ما يُثبِتُ انتِمائي لهذَا المكَان هِي فَاتُورةُ الكهرَباءِ والمَاء

هويتِي مجردُ ورقةٍ فُي أدراجٍ عتِيقَة

وأحلامِي مُكدسةٌ فِي حِزم لا نِهائية مِن الصَبر 

تماماً كجُثثِ مذبحَةٍ جماعِيةَ

أحمِلُ حُزنِي موشُوماً فِي قلبِي كإلهٍ يُونَانِي منقُوشةٌ صُورتهُ علِى عُملةٍ 

معدَنِية 

وأبدو كجِسرٍ عتِيقٍ ينتظِرُ بقلَقٍ وخوف الخُطوةَ الأخِيرةَ علَى ظهرِهِ 

ليهوِي عمَيقاً فِي حُطامِهِ المُنتظرْ

وأُدرِكُ أن فِي أغواري السحِيقة تُوجدُ حيَاةٌ لا زالت تُضيءُ لِي 

بينَ الفِينةِ والأُخرّى فأكتُبُهَا .. حِينَ كُنتُ صغِيراً كتبتُ رسماً لقلبٍ يخترِقهُ سهمٌ على كُرّاسةِ زمِيلتِي فِي الصَف 

فأوقفنِي الأُستاذُ لأجِيب .. فأنّكرتُهْ
وحِينَ عشِقتُ كتبتُ سَطراً صغِيراً لعينيكِ عِندما تضحكَان بِعذُوبةٍ فرأيتُ عينّا طِفلٍ يتِيمٍ 

تدمعِانِ بِصمتٍ .. فحذفتُهْ وحِينَ أصبَحتْ نظراتِي أكثرّ فُضُولِيةً كتبتُ غزَلاً عَنّ روعَةِ سِيقانِ النِسّاءِ العَائداتِ مِنّ 

الحُقُولِ عِندَ غُروبِ الشَمس فلّاح لِي شَبحُ أبِي غَاضِباً .. فمسحتُهْ وحِينَ تبلورت فِكرتِي عنهُ كتبتُ عتباً طوِيلاً إلى الله فأوجعتنِي ذِكرّى سِياطُ شيخِنّا فِي 

الكُتّابْ على ظهري .. فأحرقتُهْ وحين كنت ثورياً جديداً كتبتُ نصَاً عن دُموعِ الوطنْ التِي لم تعرِفْ النُضُوبْ مُنذُ أن 

وعِيتنّا المآقِي فحدثوني عن صديقي العاطِل الذي أصِبحَ مُخبِراً للحاكِم .. فدسستُهْ وحِينَ عرِفتُ القوّافِي كتبتُ شِعرّاً جمِيلاً عَن بيتِنّا القدِيم فتذكرتُ أخِي الذِي ترّكَ حِذائهُ 

فِيه وخرَجَ ذّاتَ صبَاح ثُمَ لم يعُدْ .. فمزّقتُهْ وحتّى حِينّمَا ضِقتُ ذَرّعاً بالحيَاة وكتبتُ وصِيتِي الأخِيرةَ علّى جِدّارِ غُرفتِي نادّانِي مِن 

بعِيد صوتُ أمِي باكِياً .. فهدمتُهُ فأخبِرينِي بربكِ ماذّا يكتُبُ وحِيدٌ مِثلي فِي عُزلتهِ الطوِيلة لينجُو ؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن الحرق على الخشب

دلالة الألوان في الحياة البجاوية

الجرتق