صنف ممتاااااز جداا !!


كنا ثلاثتنا لا نبارح مقاعدنا إلا بعد أن يتأكد لنا أن معدة كل منا قد امتﻷت عن 

آخرها.وأن الرؤوس قد مالت إلى اﻷمام قليلا.وتبلد الحس كثيرا،وتلاحقت اﻷنفاس. 

فنسير في شارع اﻷربعين محاولة منا لتخفيف ما فعلناه بأنفسنا في ذلك المكان 

"المتبرج"فلم يكن ثمة ما يمنع أعين المارة وأنوفهم من مشاركة رواده. نعم،فالكل هناك 

يجلس على حافة الطريق الأسفلت في الهواء الطلق،متحلقين على موائد حديدية زرقاء 

بالية.وعلى كل مائدة "كورة" ألمنيوم كبيرة،تسبح في وسطها قطعة ثلج متهالكة و 

تصطف حولها أكواب معدنية يخيل إليك أنها نظيفة من شدة تأثرها بأنوار السيارات 

العابرة و أضواء المحال التجارية وما يساعد على ذلك نفحات الهواء التي تحركها بين 

الفينة والأخرى، إذ لم يكن لها قاعدة مستوية لجعلها ثابتة على الموائد.،،،بالرغم من 

بدائية هذا المكان إلا أنه وما أن تغيب الشمس حتى تؤمه جموع غفيرة،فيأتيه القاصي 

والداني،والغني والفقير يستويان عند موائدة،،،لا لشئ إلا لجودة ما يقدم من طعام في 

هذا المكان،،صنف واااحد فقط ،،صنف مستخلص من الفول المصري،،ماؤه فقط وليس 

هو نفسه إذ لم يحدث قط أن رأيت فولة واحدة تحوم في هذا المطعم،ولا أدري إلى أين 

يذهبون به بعد أن تستخلص منه مادته تلك.فيضاف إليها الكثير من المقبلات مم يجعل 

الناس يقبلون عليه بلا هوادة وقد تغير الشكل و الاسم فصار"بوش" ذلك الاسم الذي 

حل بديلا لاسم والد "عمر" صاحب المطعم.



وفي ذات ليلة وبعد أن فرغنا من زيارة متأخرة ل "عمر بوش" نهضنا متثاقلين مخلفين 

بقايا كلمات و قهقهات،، نجرجر أقدامنا على اﻷسفلت، إذ أن حركة السيارات كانت قد 

قلت. فقال عادل معلقا:


- انتو يا جماعة متأكدين إنو البوش البناكلو ده معمول بموية فول؟


فرد مجتبى ممازحا:


- لا،،،بموية نار.


وقبل أن نكمل ضحكتنا سمعنا هدير محرك سيارة تتوقف خلفنا تماما،فإلتفتنا بعنق واحد 

لنجد سيارة شرطة وقد قفز منها إثنينبسلاحيهما،وبسرعة خلع أحدهما قبعته عن رأسه 

ووضعها على وجه أقربنا إليه وكان صديقنا مجتبى. و بطريقة واضحة المقصد قال و 

بلهجة آمرة:

- قول هآآآه


ربما لو كان هذا الطلب ل عادل لسارت اﻷمور بشكل طبيعي حينها، أما مجتبى!!،،، 

فاﻷمر مختلف،وبالفعل...أمسك مجتبى القبعة بكلتا يديه و دفن رأسه فيها وهو يقهقه ثم 

وضعها على أنف الشرطي قائلا: توم،،،وكرر فعلته مردفا: بصل،،،شمار.... مما جعل 

الشرطي يصيح بأعلى صوته مخاطبا الضابط القابع هناك بجوار السائق:


- ديل منتهين خالص يا جنابو


فجاء رد جنابو بأن: أرفعوهم


فأردت أن أشرح اﻷمر للشرطي ولكن يبدو أن ما فعله به مجتبى قد أصمه و جرده من 

كل الحواس، وكأن كلمة الضابط قد جعلت منا فئرانا في نظره. فتحولت إلى الشرطي 

الآخر ولكنه كان كاﻷول بل زاد عليه بأن رفع بندقيته يريد أن يدفعني بمؤخرتها 

فأمسكت بها محاولا سحبها فإذا برصاصة تخرج دون إستئذان لتستقر في عنقه، فيفلت 

البندقية من يديه ويترنح ليسقط على إثرها مصدرا أصوات متحشرجة،و أسقط في يدي 

أنا. فإلتفت باتجاه الآخرين وما تزال البندقية عالقة بيدي،فوجدت صاحبي يحملان 

الشرطي اﻵخر وكأنه جوال ذرة ثم يقذفانه في مجري مائي متعفن. و يترجل الضابط 

وسائقه و يشهران مسدسيهما باتجاهي وجهاز الإتصال بيد الضابط الأخرى يصدر 

أصواتا متقطعة.فجالت برأسي صور متعددة، منها ما ستنشره الصحف من عناوين 

بارزة في اليوم التالي(ثلاثة أصدقاء...... بسبب بوش) فقررت أن تكون العناوين على 

شاكلة(مسلحون مجهولي الهوية يطلقون النار على دورية شرطة)


وقبل أن يتفوه الضابط بكلمة على جهازه اللاسلكي أفرغت ما تبقى من رصاصات على 

جسديهما وسط دهشة رفيقاي،فألقيت البندقية جانبا وأسرعت ﻷلتقط جهاز اللاسلكي 

الملقي بجانب الضابط،فتحسسته بيد مرتعشة و هو يسبح في سائل لزج،سحبته ببطء 

وما تزال تصدر منه تلك الأصوات المتقطعة،،،،أخذ الصوت يعلو شيئا فشيئا حتى 

صرت أسمعه بوضوح،،،،،،، ففتحت عيناي عن آخرهما وأنا اتطلع في وجه بنتي 

الصغيرة:

- تلفونك ده برن من قبيييييل يا أبوي وأمي قالت ليك قوم جيب لينا (بوش) للعشاء.


فاكتفيت بباسطة من"فترينة" أبوسليمان جارنا. وسمحت للصغيرة آلاء بأن تلعب 

بجوالي ما شاءت من ألعاب.

تمت..
إيهاب شبو ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن الحرق على الخشب

دلالة الألوان في الحياة البجاوية

الجرتق