بعيون أُخرى





شئ ما أشبه بطوفان عظيم، ثمة اهتزازات غير مرئية تنتظم أرجاء المكان، أخذ نفسا عميقا وتحسس جسده العاري المبلل ثم أسند ظهره على الجدار الأملس،بعد أن أحكم قفل المنفذ الوحيد المؤدي إلى هذه الحجرة،ها قد أصبح وحده آخيرا ولكنه ما يزال باستطاعته سماع صوت خرير المياه بالخارج وهي تدفع بأجسام ما تلبث أن تضرب الباب بشدة ثم تسقط على عتبتة، مصدرة أنات سرعان ما تنقطع، يبدو أنهم الرفاق، يقومون بمحاولات يائسة للحاق به داخل الحجرة،تلك التي تمثل طوق نجاة وضمان حياة لمن يسبق إليها.. ابتسم بزهو فقد أدرك أنه الناجي الوحيد في هذه الليلة،،،إذ لم يكن باستطاعته أن يفسح لغيره في هذه الحجرة الضيقة ولو فعل لهلك هو بدلا عنه... لم يكن بمقدوره أن يتبين معالم المكان من شدة الظلام،علاوة على أنها المرة الأولى له فيه.فقرر أن يستكشفه على طريقته. كان ما يميزه قدرته الفائقة على القفز ،فجسمه الصغير يساعده على ذلك،وبقفزة واحدة وجد نفسه يلامس السقف،قوة جاذبة كالمغناطيس جعلته ملتصقا لا يستطيع منه فكاكا.و شيئا فشيئا بدأ لونه يتغير و تمدد جسمه و تضخم حتى كاد يلامس الأرض. عندها شعر بقربه من الجدار فأخذ يمرر عليه كفيه بحذر، لعله يجد مفتاحا للنور،،، لم يكن ثمة شئ بارز عدا بعض نتوءآت صغيرة لزجة تعترض حركة أصابعه بين الفينة واﻷخرى.. أخفض جسده فلامست ركبتيه أرض رخوة،،أحس بشئ ناعم كالحية يلتصق ببطنه الخاوية ،،، سرت في جسده قشعريرة ما،لم يدرك كنهها ولكنها أشعرته بنوع من الإرتياح والإمتلاء، بعد ذلك حاول جاهدا الوقوف على قدميه ولكنه لم يقو على ذلك، فالأرض تحته زلقه جدا، والجدار لا يعتمد عليه،والمكان مخيف. حقيقة واحدة فقط بثت في نفسه الطمأنينة ذلك أن والداه يعلمان بمكانه، وحتما سيحضران في الوقت المناسب ﻷخذه من مخبأه هذا.فتكور على نفسه،أحس بحالة من انعدام الوزن وصار يسبح في الفراغ..... أحكم قبضتيه بجانبي رأسه وراح في سبات عميق... ظل على تلك الحال فترة ليست بالقصيرة،،،،تغير فيها شكله وتبدلت ملامحه للمرة الثانية،،،، فوضى صاخبة هي ما جعلته يستيقظ من سباته مذعورا...فالحجرة صارت أضيق من ذي قبل، وها هي تضيق أكثر حد اﻹختناق،ثم تتسع أكثر مما كانت عليه، الجدران ترتج بشدة ... يتحطم الباب.. يتدفق الماء بغزارة حتى تمتلئ الحجرة عن آخرها ،،،ياااااااه هذا أشبه بيوم الطوفان...أراد أن يسبح ليبقى طافيا على السطح ولكن ذلك الشئ الملتصق ببطنه!!! يلتف حوله فيعيق حركته.... يحاول التخلص منه فلا يستطيع،،،،يغوص إلى أسفل فيدفعه الماء بقوة ...شئ ما يسحبه بإتجاه الباب،،،،عبثا حاول أن يتشبث بالجدار اللزج ...يصل إلى الباب منزلقا...يغمره ضوء يعمي بصره....شخص ما يحاول مساعدته في التخلص من ذلك الشئ الذي بين خاصرتيه فيفصله عنه بآلة مجنحة أشبه بالطائر .. يشهق فيشعر بألم يشق صدره ...يطلق صرخة داوية تتبعها أخرى تعلو معها زغرودة وهمهمات تبريكات.
- حمدا لله على السلامة وألف ...ألف مبروك المولود! 
ويتربى في عزكم.
إيهاب شبو 6-نوفمبر-2014

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن الحرق على الخشب

الجرتق